[مستقى من محاضرة للأستاذ نعمان علي خان ، مع التصرف والتعديل]
قسم خطتك لثلاثة مسارات تشمل جوانب حياتك الأساسية (بإمكانك توسعتها وإثراؤها ، لكن هذه الخطوط العامة الأساسية) :
(*) المسار الأول : العبادة
1. الصلاة
- هل تصلي كل الصلوات في ميقاتها؟ هل تحافظ على الجماعة؟
- هل تحافظ على السنن الرواتب؟
- هل لك من تطوع بالليل؟
- هل توتر قبل أن تنام؟
ضع لكل سؤال من هذه الأسئلة (بعضها أو أضف إليها) هدفا وفترة زمنية بالتدريج ، بحيث يكون لديك معيار ملسموس لقياس مدى تطورك ، مثل : المحافظة على صلاة الفجر جماعة لمدة شهر ؛ فإذا ثبتت لديك هذه العبادة انتقل لغيرها . ليس المهم أن تكثر أو أن تفعلها كلها مرة واحدة ، المهم أن تداوم وأن تثبِت . وعن السيدة عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله r قال "إن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل . وكان rإذا عمل عملا أثبته"
2. ورد التلاوة
- هل لك ورد من القرآن تتلوه يوميا بعد الفجر؟ "إنّ قرآنَ الفجْرِ كان مَشْهُودا" ، أو في وقت محدد لا تهمله أبدا؟
- ولأصحاب الرؤى والأهداف ، القرآن هو منبع الإلهام والهداية ، ولذلك ليكن من أهدافك حفظ قدر ما يمكنك وإن قل ، ولو بضع آيات بالمداومة . فلك في كل يوم بعد الفجر ورد للتلاوة وورد للحفظ .
نتكلم عن تغيير العالم ونحن لا نستطيع حتى تغيير يومنا! غيّر يومك ، تتغير سنتك وتتغير حياتك كلها! ابدأ بيومك واجعل من أهدافك أن تكون صباحاتك أكثر ثراء فيما يتعلق بالعبادة . وأضمن لك إذا جربت ذلك ستلحظ أن اليوم أكثر بركة وأنك أكثر إنتاجية وعقلك أكثر صفاء .
-------------------------------
(*) المسار الثاني : العلم
أفرّق بين العلم والعبادة لأن الكثيرين يصرفون انتباههم للعلم ويظنون أن ذلك يغنيهم عن العبادة ، فتراهم يعلمون قواعد التجويد وربما يحفظون التفسير ، لكنهم إذا صلوا التفتت قلوبهم في أودية الدنيا ولم تحضر في الصلاة! وهذا المسار لا يخص من يريد أن يصير فقيها أو مختصا في علم الشريعة ، بل لكل مسلم ينبغي أن يكون متعلما مثقفا .
1. السيرة :
اجعل من أهدافك في كل عام أن تقرأ السيرة النبوية من مصدر ما ، قراءة دراسة واقتداء بهديه r . اختر مصدرا ما في كل عام ، لأن حياة ذلك النبي هي رؤيتنا ، وستفتح لك أبواب التفكر والتدبر والارتقاء إن شاء الله .
2. تدبر القرآن :
والتعامل مع القرآن في مسار العلم مكمّل لمسار العبادة ، فنحن إذ نداوم على التلاوة فلأن القرآن كتاب هداية في ذاته ، إلى جانب البركة من تلاوته . وفي كل مرة تتلوه يفتح الله لك بها فهما جديدا لم يكن في التلاوة السابقة ، كلما تلوته أكثر فهمته أعمق ، هكذا كتاب الله تعالى ، لا يَبلى ولا تنتهي عجائبه على كثرة القراءة .
ونحن إذ نحفظ القرآن فذلك لنكون قادرين على الإكثار من تلاوته وترداده فالحفظ جوهري للفهم ، لأنه ليس حفظا فقط للكلمات بل لفهم المعاني . لذا يفضل أن يكون ورد التدبر لنفس السورة التي تحفظها .
مثلا : تقرر حفظ سورة الكهف ، فتبدأ في تجزئتها على مدار العام (أو أقل ) إلى وحدات آيات ، تفهم معانيها ، وتقرأ في أسباب نزولها إن توافرت ، وتفهم تفسيرها فهما تاما ولو من عدة مصادر ، وسماع محاضرات أو القراءة عنها . فإذا قرأت في الصلاة بالآيات التي فهمتها ، ذلك أدعى للحضور والتدبر والعمل بمقتضاها .
لا تكتف بالأهداف العامة الفضفاضة : سأحفظ القرآن ، بل حدد وِرْدا أو عددا من الآيات وركز . والتركيز كلمة مفتاحية ، إذ يمكنك في الختام أن تقول : "الحمد لله أتممت سورة كذا أو كذا ، فتلمس تقدما ملحوظا قابلا للقياس" .
3. الدعاء :
اختر دعاء من مأثورات القرآن أو السنة كل أسبوع أو أسبوعين ، فتفهم معناه وتحفظه وتكثر الدعاء به في أوقات الإجابة ، وكلما ذكرتها في أي وقت من يومك ، لأن هذا يجمع العلم والعمل ، وأدعى للإجابة بإذن الله .
- لم أذكر الفقه أو العقيدة أو خلافهم من فروع العلم ، لأن تلك الثلاثة ثمارها آنية وحالية يمكن أن تلمسها فور الشروع فيها بإذن الله تعالى ، وهي ميسرة للتطبيق بعون الله . فصلاتك تتحسن لأنك تتلو قرآنا تتدبره وتفهمه . وحبك للمصطفى r يزداد لأنك تقرأ في سيرته ، فصلاتك عليه تكون أعمق وأصدق ، ودعاؤك لله يكون بقلب حي يعي ما يطلب .
- ومع أنني فَصَلت المسار العلمي عن العبادة إلا أن أحدهما يُكمّل الآخر ، فإذا لم يكن علمك يثري عبادتك فليس علما حقا بالمفهوم الصحيح .
-----------------------------
(*) المسار الثالث : التطوع
- اختر أوقاتا ثابتة لذلك ، ولا تترك الأمر مفتوحا . فإما يوم في الأسبوع ، أو عدة أيام في الشهر ، المهم ألا ينتهي بك الأمر مبعثر الوقت وموزع الجهد ، في حين أنك لو ركزت في مجال أو اثنين كنت أغزر عطاء وأعمق أثرا .
- واحرص أن تحفظ ذلك لنفسك في خفية ما اسطعت بألا تحدث بـ "خواطرك" على الفيسبوك أو تويتر ، ذلك ما أسميه "التواضع المتباهي"!
-------------------------------
هذه المسارات الثلاثة تعني أنك على الأقل رسخت الأسس التي تعينك على بلوغ أهدافك في الحياة وضبط البوصلة بحيث لا يجور حق على حق ، فهذه القواعد التي تبني عليها أهدافك .
والموفق من وفقه الله وتقبل منه ,,,